דילוג לתוכן

عودة إلى أندلس

تأليف: بنيمين تموز

فصل  47

قد حكيت أن بعد هذا الشاي جلسنا على دكةٍ في الحديقة وسمعت كلام نورة ضد الإسرائيليين ولصالحهم, وبالإجمال يمكن أن نقول إنها تكلمت لصالحي, إننا نفضل أن نخرج من الغيتو الزبيب فقط. المهم صعدنا غرفتنا أخيراً ودخلنا السرير. في هذا الليل حلمت حلماً أذكره خير ذاكرة لكن يمكن أن أبلبل بعض حذافيره.

وجدت في موقع مراقبة في ألقدس, في أيام حرب الاستقلال في سنة 1948. البيت ألذي وقفت فوق سطحه كان بيت من حجر غنا ورائعا قبل ألحرب, ومن ألمؤكد أنه قد سكنت به أسرة سفير.  الآن ازدحمت في  غرفه خمس أو ست أسر من بيت لاجئي المدينة العتيقة للقدس الذين هرب من العرب وأدخلهم جيشنا في البيوت الخالية, نصفها مخربة. أشعل اللاجئون مواقد من كسور الأثاث ومن شجر البيانوهات أوتارها مقطعة وطبخوا عليها أكلهم. فإذا وقفت في موقع المراقبة, في ساعة الصبح, عندما اصفرت النجوم فوق, والنور ظهر وأشرق خلف الجبل. ربما كان السطح ألذي وقفت عليه ممزقاً, أو يمكن أن يكون المشهد, ألذي قد حدث أمامي, في بيت بجانب بيتي وأنا رأيته من الشباك المفتوح. المهم لفت نظري سريرُُ واسع التصق فيه أربعة أو خمسة أولاد بعضهم نائمين ومرتعدين قليلاً بسبب برد الصباح القارب. وبين الأولاد الصغار في السرير رقدت فتاة أيضاً, عمرها ست عشرة أو سبع عشرة سنة, لابسة قميص نوم أبيض. مدت ذراعها وهي نائمة لكي تحسن تغطى إخوتها الصغار ببطانية ضاقت عن الغطاء لهم جميعاً. أخيراً نجحت في تغطي الصغار, وهي لم تتغط. حتى هوامش قميصها مدت على الصغار لتغطيهم مما أدى إلى تكشف رجليها إلى ما أعلى وركيها البيض مخلوقين مثل عاج زاهر, شك شفافين شك لحماً ودماً.

في يدي كان مدفع رشاش صغير غير شاغل عادياً ساعة تحتاجه. ذكرت العصفور ألذي كان قد زقف رآنا ولد فوق العمارة, العصفور ألذي انطلق برصاص وهو سقط كحجر أرضاً (قد يذكر القارئ هذا أمر صغير في بداية الكتاب).  سددت مدفع الرشاش ألذي في يدي نحوه وطلقت النار عليه. لا صوت يُسمع ولم ينطلق طلقة, لكنها فتحت عينيها ونظرت في. لم يبعد أنها سبحت في الهواء وجاءت وجلست على ركبتيني.

هل أمسكت عمرك عصفوراً في يديك ؟ لا تنوى أن تفعل به ما يسوء. يمكننا القول إنك تحبه كما واحد قد يحب عصفوراً. لكنه لا يعرف ذلك. يترجرج بين أصابيعك كإنه شاهد الموت تجاه عينيه. تغرد في أذنه أغاريد حب إلا أن لسانك لسان إنسان. فأنت تشفق عليه وجعله يتطاير. لكن العجل ألذي يستحقه حين ينجح أن يتحرر, ألا يثقل على قلبك حزناً وحتى إساءةً ؟

"أنت لا تحبني", قالت لي الفتاة الجالسة على ركبتيني, وأنا حاسس عن سبيل بدلتي العسكرية الخشنة بلمسة جلدها الرطب ألذ بما لا يقاس من كل ما لمس جسمي من قبل. "أنت لا تحبني." سألتُ رد وقول, إنما صوتي لم يطاعنى وبدل كلام سالت الدموع من عينيي. أرادت يدي استمساكها وتقربها ألي بقوة ولكنها لم تطاعنى كذلك. فأذا كررت الفتاة وقالت ثالثاً: "أنت لا تحبني."

وبعد ذلك عادت ترقد في السرير الرحيب, نائمة مثل زى قبل, ورجلها البيضاء طوقت أخوتها الصغار. نظرت إلها من بعيد ورأيت أنها ماتت. ربما مات الأولاد الآخرين في ألشرير أيضاً.

tammouz

ترجمة: اُوري شني

להגיב

כתיבת תגובה